كانت في كربلاء المقدسة مؤسسات ثقافية مهتمة بنشر ثقافة أهل البيت عليهم السلام، بينما كانت الحوزات الاخرى مهتمة بجوانب اخرى، ولعله هذا من فضل الله سبحانه وتعالى ومن محاسن التعددية، فمثلا حوزة قم كانت مهتمة بعلم الرجال في زمن السيد البروجردي وكتابة جامع أحاديث الشيعة، وحوزة النجف آنذاك كانت مهتمة بالادب و

الا ان كربلا وضعت موضوع التبليغ الديني نصب عينها واهتمة به، ولعله كان ذلك للاستفادة من كثرة الزائرين والوافدين الى كربلا واستغلال الفرصة للعمل الثقافي والتربوي، أو لأن السادة الشيرازية كانوا مهتمين بتربية الاجيال ليتمكنوا من التصدي للتيارات المنحرفة كاشيوعية الماركسية مثلا.

ففي النجف مثلا تجمهرالشيوعيون من النجفيين ضد المرجعية ولم يعترض المجتمع النجفي آنذاك، حتى انهم وضعوا صورة السيد الحكيم وهو المرجع الاعلى على وجه حمار ووضعوه أمام المسيرة التي تحركت في شوارع النجف الاشرف، وعندما تصدى الطلاب الافغان للدفاع عن السيد الحكيم، هاجمتهم قوة من الحدادين والفيترجية (على التعبير العراقي) وضربوا الطلاب المدافعين عن المرجعية وأدموهم والقضيه معروفة في النجف الاشرف.

ولعل هذا العمل يدل على الاصطفاف الرحماني والشيطاني في واقع المجتمع، فكما تجد المتدين الملتزم في النجف الاشرف ترى غير الملتزمين دينيا ايضا بكثرة.

بينما في كربلاء تجمهرالشيوعيون القادمون من مختلف المحافظات العراقية ونزلوا الى الشوارع وتصدى لهم أهالي كربلاء وطردوهم لانهم ليسوا من أهل المدينة، ولأن السادة الشيرازية تمكنوا من النفوذ الحقيقي في واقع المجتمع وواهتموا بالعمل الثقافي والتربوي.

ومن هذه المشاريع كانت رابطة العالم الاسلامي التي أشرف عليها المرحوم المقدس السيد محمد كاظم القزويني، وكان السيد رحمه الله مهتما كثيرا بالقارة الافريقية ودخلها عن طريق تونس ومصر.

وسافر الى تونس بعد ان تعرف الى جامعيين وشخصيات فكرية وتمكن من هدايتهم وتعرف الى مجموعة كبيرة من السادة الحسنيين من اولاد الامام الحسن عليه السلام يسمون بالشرفاء، وصادقهم عبر المراسلة واهداء الكتب الشيعية، وتمكن من جلب ودهم، وفي الاسفار اجتمع بهم وعقد لهم المجالس والقى اليهم المحاظرات التاريخية والفكرية.

وكانت هذه الاسفار منه بمثابة انطلاقة للتعريف بالامامية الاثني عشرية.                                    

واستكمل المرحوم المقدس السيد محمد رضا الشيرازي الطريق من خلال كلماته القيمة في فضائية الانوار التي أسسها السيد المرتضى الشيرازي وبأمر من والده الامام المصلح السيد محمد الشيرازي رحمه الله، وتمكنت هذه الفضائية من ايصال الصوت الشيعي الى المغرب العربي بما فيه تونس والجزائرو

بالاضافة الى بعض الانشطة الدينية التي لابد أنها كانت من دون تنسيق او برنامج معين من قبل آخرون من الفضلاء والحوزات العلمية، ونحن لانبخس أعمال العاملين، والله سبحانه هو الشاكر.

وفي هذه الفترة الزمنية، من هجرة المرحوم القزويني الى فضائية الانوار والسيد الرضا الشيرازي، كان الارتباط مع المغرب العربي من خلال الزيارات المتقابلة بين السيد القزويني في قم مابعد الهجرة، والقادمين من تلك الدول.

وبعد وفاة السيد القزويني رحمه الله بقي الاتصال بين المغرب العربي وأولاد السيد القزويني رحمه الله، حيث أنهم تعهدوا بمتابعة الطريق واستكمال مابقي من مشاريع السيد، ومنها موضوع نشر فكر أهل البيت عليهم السلام في تلك المناطق.

وفي الفترة الاخيرة برز أمثال التيجاني وكتب تجاربه الدعوية في كتبه القيمة في الجملة، وكان هذا الامر ايضا مما ساهم في ايجاد صحوة دينية في تةنس وغيرها.

ومع ان هذا النشاط الدعوي كان خاصا بالمذهب، الا أنه اوجد حالة جديدة في النفوس، حيث ان الناس هم مكلفون بشر مافهموا من ثقافة ومعلومات، وفي القران الكريم: ليقوم الناس بالقسط، وفكر أهل البيت عليهم السلام هيئ الأجواء المناسبة لمثل هذه الصحوة.

وكما قال الامام رحمه الله من ان سرعة حركة الكتاب اكثر من سرعة طائرة الكونكورد، فان انتشار الفكرالوضاء انطلق من الكتاب، ومن ثم كانت المشاهدة ايضا مهمة، والمغرب العربي تمكن من مشاهدة العتبات المقدسة من خلال الانوار وغيرها، بالاضافة الى الفيس بوك والتويترو

وكل هذه الأمور أفحمت المجتمع بانك خلقت حرا، فلماذا الخنوع أمام سلطان جائر حكم لفترة طويلة واستعبد العباد والى متى؟

فثورة الشعب التونسي لم تكن من خلال نشرالفكر الشيعي مباشرة، انما كان من خلال الوعي العام الذي تأثر بالكتاب الشيعي، وكان الحظ الأوفر لمدرسة الامام الشيرازي رحمه الله، حيث أنهم كانوا من الأوائل في التصدي للجهل ونشر الفكر الشيعي الذي يعتبرحقيقتا الاسلام الحقيقي من خلال نشر الكتب وانشاء الفضائيات والعمل الدؤوب لايجاد صحوة عالمية.