لما كانت الامة الاسلامية بعيدة كل البعد من الاعلام المرئي، كان الامام رحمه الله يتطلع الى نشرالثقافة الاسلامية ومن خلال شيء يدخل الفكرالى القلوب وبتكلفة أقل.
كانت التجربة الاولى تربية المبلغ، وكانت الكلفة باهضة، والزمن طويل، وقد لاتنجح بالشكل الطلوب، فانك تبدأ بالعمل الثقافي التربيوي وبعد سنوات ترى الكثير من المشاكل والعقبات، منها الجانب المالي، هذا اذا ساعدك الحظ في الهروب من السلطات السياسية التي لاتريد للاسلام الحقيقي النهوظ.
وكان مشروع التبليغ السيارالبذرة الاولى لمشروع العمل الثقافي التوعوي، وكانت العقبات المتصورة اكثر من ان تحصى.
قصة الشيخ آصف محسني
قال الشيخ آصف محسني من أعلام افغانستان، ومن أبرز تلامذة السيد الخوئي (ره) في النجف الاشرف، قال: في زمن السيد الحكيم وانا في تحصيل العلم وفي بداية حضوري لبحث الخارج، كنت اذهب أيام المناسبة الى كربلاء المقدسة لزيارة الامام الحسين (ع) ماشيا، وفي احدى السفرات وصلت الى منطقة وعشيرة كذا، وخلال فترة استراحتي هناك جاء أحد العوام الى شيخ العشيرة وساله مسالة شرعية، واجابه الشيخ بجواب غير دقيق، فاعترضت على الشيخ ونهرته لتصديه لمثل مقام الفتوا، ففي المرحلة الاولى اجبت المسألة، ومن ثم نصحت الشيخ ليبذل الجهد لجلب رجل دين الى هذه المنطقة تلبة لحاجة العوام وكان مما قلت: انت شيخ متمكن، والعشيرة ايضا، وحوزة النجف قريبة عليك، وعيب ان لاتذهب وتطلب منهم عالم يأتيك، تؤمن حاجياته الدنيوية ويبقى هنا في خدمة الدين وهذا وزين لكم وفخرو… وبذلت الجهد لاقناعه.
الا انه اعترض على كلامي وكان مماقال: انت شيخ، ابقى هنا، وانا ادفع لك ماتريد.
قلت: انا لا، انا جاي للعراق أصير مجتهد وارجع لمنطقتي التي تحتاج لمثلي وعلمي، لاكن اوعدك ان أجلب لك رجل دين مناسب وابذل جل جهدي في الأمر.
قال: شيخ تذهب وتنسى الموضوع !
ودعته مع كامل العهود والمواثيق على ان ابعث له عالم بالتنسيق مع الحوزة العلمية و…، وطرحت الفكرة والعهود والمواثيق على المرجع الديني الاعلى آنذاك، السيد محسن الحكيم (ره) لكنه أجابني بالقول: ادرس في النجف وابق هناك معهم ولك ضعف مايعطيك شيخ العشيرة.
وفي سفرة أخرى ذهبت برفقة جمع من الافاضل بالسيارة الى كربلاء المقدسة والتقيت بالمرجع الديني السيد محمد الشيرازي، وكان من البارزين في المنطقة وكلمته مسموعة في الاوساط، وطرحت الموضوع عليه وماقاله السيد الحكيم، ورجوته المساعدة في الأمر، وتفاعل مع الموضوع وسجل الاسم والعنوان ليكلف لجنة التبليغ السياربذلك، وطرع علي نفس الفكرة، ابقي شيخنا هناك والذهاب الى النجف كل يوم ليس بالمستحيل، أوتقسم الاسبوع بين النجف للدرس والمنطقة للتبليغ، ومن الممكن ان تبرمج الايام والاسابيع حيث لايفوتك الدرس، وانت في بحث الخارج، يعني يكفيك الحظور ساعتين في اليوم وتحضر درسين و…
وكانت وسائل النقل آنذاك ليست بالصعبة، وكان من ممكن تطبيق الفكرة، ولكنه كان عمل شاق، بالاضافة الى الوضع العائلي ولغتهم والغربة المضاعفة و… ففكرت في الامر قليلا ونسيته مع مرور الزمن.
وفي المناسبة القادمة، ذهبت ماشيا ومن دون قصد وصلت نفس المكان في نفس الوقت وكان اللقاء مع شيخ العشيرة وتكره هو وتذكرت انا وقال لي: شيخنا وين المبلغ؟
وتصببت عرقا من الخجل …
الحقوق الشرعية والفضائية