في صبيحة يوم التاسع من شهر رمضان المبارك (2011) ارتحل الفاضل الجليل السيد محمد الرئيسي الى جوار ربه، وتم تشييعه في اليوم العاشر وانتقل الجثمان من الكويت الى مشهد المقدس على متن الطائرة القطرية عبر الدوحة يوم الحادي عشر، ليدفن في مثواه الاخير بمدينة جرجان الايرانية الى جانب والده رحمهما الله.

تعرض السيد الرئيسي الى ضغوطات كثيرة من قبل السلطات الايرانية، وتم اعتقاله اوائل الثورة بأمرمن المحكمة الجائرة المسماة بمحكمة رجال الدين في ايران، وتم اطلاق سراحه بمساع كثيرة وآخرها من قبل الشيخ النتظري.

وبعد ذلك كان مهتما بالتوسط لدى المخابرات الايرانية في شؤون المرجعيات الدينية ليخفف عن الضغوطات السياسية عن الاثنين.

وفي الفترة العصيبة التي مرت به اسرة الشيرازي واعتقال 11 نفر من أبناء و وكلاء الامام الشرازي قدس سره، كان السيد الرئيسي يتابع التوسيط في ايصال الرسائل الشفهية بين الامام الراحل قدس سره وقسم شؤون رجال الدين في جهاز المخابرات الايرانية، ومع شخص يحمل الاسم المستعار(صداقت).

وهذا القسم كان باشراف من مكتب السيد الخامنه اي بالذات، ومن دون وسيط، و(صداقت) كان مسؤول القسم الأمني في المكتب، كما صرح بذلك.

وفي تلك الفترة اعتمد السيد الشيرازي على نفرين، وكان السيد الرئيسي أحدهما، وكان معتقدا بالامام قدس سره، ولذلك كان صادقا في النقل وناصحا في الاستشارات، وكان يبتعد من التحليل، اذ أن المخابرات الايرانية كانت تعتمد اسلوب التحليل لتمريرمطالبها واقناع الطرف الآخر، كما حصل مع السيد الرئيسي بالذات، حيث اقنعوه (بقوة المنطق المسلح وفي الزنزانة الانفرادية بسجن توحيد وسط طهران) بالعمل معهم للحفاظ على بيضة الاسلام، وسمعة المرجعية والنظام!!

وفي الآونة الاخيرة تمكن من طبع مذكراته السياسية بعد ان حذفت المخابرات الايراني بغطاء وزارت الارشاد المشرفة على الطبع، أغلب صفحات الكتاب فيما يرتبط بالسيدين الجليلين الشريعتمداري والشيرازي قدس سرهما.

وفي كل فترة كانوا يستدعونه للاستشارة على حد تعبيرهم وللتحقيق على حد تعبير السيد رئيسي، وفي آخرها أخذوه للتفرج على قسم الاعدامات في سجن (افين) وأخذ هذا التجوال حوالي ساعة زمنية من وقتهم، وكاد السيد الرئيسي المعروف ببرودة الاعصاب، كاد ان يموت مما رأى في هذه الجولة التي تمت من دون ان يطلبوا منه شيء!

وفي الأحداث الاخيرة مع الاصلاحيين أثبت لهم انه لايمتلك أية معلومة عنهم لانه لم يكن على صلة معهم، حتى تمكن من الخلاص من استشاراتهم.

وكان السيد الرئيسي بعد وفاة الامام الشيرازي قدس سره يتأسف لنقل بعض الرسائل من المخابرات الايرانية الى السيد الشيرازي مما ادى ذلك الى تدهور صحة الامام، وما انخدع في نقل بعض القضايا، وعرف فيما بعد انها كانت كاذبة في الاساس.

الا أنه كان فرحا (فيمابعد) بعدم موافقة الامام الشيرازي قدس سره على طلبات المخابرات الايرانية، الا أنه دفع حياته ثمنا للتصدي والصمود أمامهم.

وتدخل السيد رحمه الله لاطلاق سراح كثيرمن رجال الدين أمثال: الشيخ المناقبي والسيد الحجازي وآخرون، نجح في بعضها واستخرطوا تصريحاته في آخرين.

واللطيف في أمره انه اودع بقية مذكراته والمقاطع المحذوفة من الجزء الاول المطبوع عند بعض اصدقائه في دول غربية، لعلها تطبع فيما بعد.

فرحمه الله، كان طيب الخاطر وعفيف النفس.