وصلت الى قم المقدسة ومعي 6 مجلدات من الطبعة الثانية من دورة (الفقه) و3 كتيبات من الكتب الحضارية التي طبعت في لبنان بشكل عفوي، حيث ان أحد المؤمنين مع مشاكله المالية طبع احداهن من حقه الشرعي وأعطاني نسخه منه قبيل سفري الى ايران.

كدت أطير فرحا من انجازي لهذه الاجزاء الفقهية وطلبت موعدا من سماحته لاقدم له الكتب واستشيره في بعض الامور المرتبطة بالتحقيق، حيث ان الامام قدس الله نفسه كتب الموسوعة في ضروف مختلفة ودول متعددة، فكانت مصادره تختلف احيانا، ففي الكويت مثلا كان يعتمد على الوسائل بينما في كربلاء المقدسة كان يعتمد على جامع احاديث الشيعه وهكذا الحال في الكتب الفقهية أمثال الجواهر والحدائق ومفتاح الكرامة و

حصلت على الموعد ودخل رحمه الله الغرفة وجلسنا بعد تقبيل يديه ووضعت امامه الكتب لكني ومن دون عمد وضعت الكتب الفقهية فوق الكتيبات الحضارية ( نحو يقضة اسلامية، الشورى في الاسلام، الحريات الاسلامية) وأخذت بشرح بعض الأمور، وانا أنظر اليه ماذا يصنع؟

مد يده وأخذ الكتيبات تاركا الكتب الفقهية التي كنت أضن انها من أهم الامور عنده بحسب تصوري.

زعلت قليلا، ولكن بقيت انظر اليه وأتأمل تصرفاته، وبعد ان تابع المواضيع وتصفح الكتيبات رفع رأسه وقال: هذه تصنع التاريخ وتوجه المجتمع البشري الى اليقضة من نوم عميق أدى الى استحمار الشعوب من قبل حكام لايعرفون الهر من البر!

وتذكرت آنذاك ما حصل بيني وبين المرحوم المقدس الشيخ حسن السعيد ذلك الرجل المجاهد الذي صرف جل وقته واعتباره وتاريخه وماء وجهه لخدمة المذهب، وكان من القلائل الذين شهدتهم في خدمة الناس باذلا مهجته فيهم، وكذلك الشيخ عبد الأميرقبلان في لبنان، فبعد الاسرة الشيرازية مارأيت مثل هذين العلمين الجليلين.

 

أما قصتي مع الشيخ السعيد، اتصل بي ليطلبني الى مكتبه في جامع چهل ستون في وسط السوق في العاصمة الايرانية طهران، ذهبت اليه وجلسنا واذا بربطة كتب أمر باحضارها وفتحها واعطاني واحدة منها، لم أفهم شيء منها ماهو اسم الكتاب وموضوعه، وكلما قلبت وتصفحت لم ارى اية أثر للغة العربية والفارسية، ولا الانجليزية

قلت: شيخنا شنوهذا الكتاب ؟

قال: ضننت انك تعرف.

واخذ الكتيب مني (انا أسميها كتيب بحسب عقلي القاصر) وارجع كل المجموعة الى احدى رفوف المكتبة وقال: مجموعة وصلت عن طريق البريد وما فهمت منها شيء، قلت في نفسي لعلك تعرف بعض اللغات وتساعدني على معرفتها.

وذهبت الايام واذا به يطلبني وبسرعة.

ذهب اليه مع كثرة انشغالي ذلك اليوم، واذا بشاب جالس في المكتبة وأمامه مجموعه من تلك الكتيبات، جلست الى جانبهم وأخذ الشاب وهو في العشرينات من العمر يتكلم

جئت في اول زيارة لي الى طهران بعد سقوط الامبراطور الايراني محمد رضا بهلوي ونجاح الثورة الايرانية، ودخلت هذه المكتبة المباركة وتعرفت على فضيلة الشيخ السعيد وتفضل علي بنسخة من كتاب ترجمه الى الفارسية الشيخ علي كاظمي، بعد أن عرف تفاصيل منطقتي في القارة الافريقية وقوة التبشير المسيحي هناك.

وبعد مراجعتي الى بلدي، أخذت بمطالعة الكتاب وذهبت الى المكتبات ابحث عن انجيل مطبوع في افريقيا ومعترف به هناك، وبدأت بمطابقة النصوص الموجودة في الكتاب مع الانجيل، وترجمت بعض كلام وتعليق المؤلف، وطبعت الكتاب على نفقتي الخاصة ونشرته وارسلت مجموعه الى الشيخ حفظه الله ليفرح بهذا الانجاز العظيم الذي وفقني الله

وبعد فترة (والكلام للشاب المهذب) دعتني احدى المحاكم الافريقية في استجواب وتحقيق بناء على شكوى مقدم من رئيس قبيلة كبيرة، وفي اليوم الموعود ذهبت الى المحكمة ومعي الكتاب المترجم الى اللغة السواحلية والانجيل، وفي المحكمة قسيس الى جانب رئيس القبيلة …..

 

وكان التحقيق والاستجواب، وفي كل كلمة اعترضوا عليها فتحت الانجيل واقول لهم: ليس هذا كلامي، انما هذا الانجيل المطبوع والمعترف به عند جناب القس، وكان القس يؤيد وجود العبارة في الكتاب المقدس.

وانتهت الجلسة ببرائتي والحمد لله.

وعند خروجنا من قاعة المحكمة جاء رئيس القبيلة وقبل بين عيناي وقال: اعتذرمنك ومن معتقداتك، رجاءا أعرض علينا دينك ومعتقداتك ….. ورأيت القس منكسا رأسه ويمشي خجلا

وذهبت الى تلك المنطقة وتعرفت على القبيلة وعرفتهم الاسلام والمذهب الجعفري والامام السيد محمد الشيرازي مؤلف كتاب (ماذا في كتب النصارى) وأخذوا يقلدونه في نهاية المطاف … ولعلها كانت هي البذرة الاولى لنشر أفكار الامام الشيرازي في تلك المنطقة النائية.

عود على بدئ

واليوم، ونحن بالقرب من صحوة عالمية نحو المذهب الجعفري بالذات بعد أن عرف الناس، وفي مختلف الدول، بعد أحداث سبتمبر2001 الاسلام، وأخذت الصحوة تنضج وتأخذ طريقها ليس في الجانب الاعتقادي فحسب، انما الجانب السياسي والاجتماعي والاقتصادي و

وهذه مصروالسودان وليبيا والاردن وسوريا حتى العراق … والصحوة الجماهيرية والمطالبة بالاصلاحات السياسية والاقتصادية

نعم هناك كيل بمكيالين في التعاطي مع هذه المطالب، فمثلا السعودية وقطر ماعندها برلمان و…. وليس فيها أقل الاصلاحات، الا انها تطالب سوريا بذلك، فكيف بالامكان ان تطلب من غيرك ما لاتنفذه انت، وفي الحديث المتفق عليه عن رسول الله صلى الله عليه وآله: احبب لنفسك ما تحب لغيرك.

فمطالبة الامريكيين للاصلاحات، ان قلنا ببرائتهم، صحيحة لانهم أخذوا بتطبيق ما يقولون، لكن حكومات الدول العربية تؤيد البعض وتدافع عن البعض الآخر، ففي البحرين واليمن يدافعون عن الحاكم، وفي سوريا وليبيا مثلا يضخون المئات من المليارات لاسقاط الرئيس.

طبعا أنا لا أشك في برائتهم وأعتقد أنهم قربة الى الله يريدون اسقاط بعض الانظمة !!!