سماحة المرجع الشيرازي دام ظله لطلبة مدرسة الشيخ المفيد

الشيعة بحاجة الى توحيد صفّهم قبل توحيد الصف الإسلامي

في الحديث الشريف عن الإمام الجواد صلوات الله عليه: (المؤمن يحتاج إلى (خصال) توفيق من الله، وواعظ من نفسه، وقبول ممن ينصحه). وهذه الخصال الثلاث إذا اجتمعت في أي إنسان، سيصبح كأبي ذر الغفاري وسلمان رضوان الله عليهما وكالشيخ المفيد والشيخ الطوسي والسيد بحر العلوم قدّست أسرارهم.
هذا ما بيّنه المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في توجيهاته القيّمة بجمع من أساتذة وطلبة مدرسة الشيخ المفيد قدّس سرّه العلمية من مدينة كربلاء المقدّسة، ووفد من كادر قناة المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف، وكادر هيئة محمد الأمين صلى الله عليه وآله من مدينة النجف الأشرف، الذين زاروا سماحته في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، في الخامس من شهر شوال المكرّم1437للهجرة (10/7/2016م).
وبيّن سماحته، أيضاً: أما التوفيق من الله، فالله عزّ وجلّ برأفته بكل عباده ورحمته لهم، كما صرّح في القرآن الكريم، أنه تعالى خلقهم ليرحمهم، جعل التوفيق ثابت لعباده ودائم أي ميسّراً. ولكن الإنسان بحاجة لجلب التوفيق من الله. ولدوام توفيق الله، ولأوسعية توفيق الله، الإنسان بحاجة إلى أمرين آخرين، وهما: واعظ من نفسه، ويعني أن يكون الإنسان هو الملقّن لنفسه بالموعظة، وملقّن لها بما يجب عليه، ويلتزم بما يجب عليه، ويلتزم بترك ما هو منهي عنه. هذا بالنسبة للخصلة الثانية.
أما الخصلة الثالثة: وهي القبول ممن ينصحه. فمن الطبيعي ان الإنسان ليس معصوماً، وليس علاّمة من نشأته، والشيطان مهيمن عليه، وكذلك النفس الأمّارة بالسوء من داخله تدعوه إلى الرذائل. فهو إذن بحاجة إلى قبول النصح ممن ينصحه، وهذا يتطلّب منه أن يكون خلوقاً ومرناً وليّناً حتى يمكنه أن يقبل النصح من الآخرين.
وأوضح سماحته: هذه الخصال الثلاث، فأولها موجودة، وهي رأفة الله عزّ وجلّ بعباده. والثانية والثالثة على الإنسان أن يحصّلها لنفسه. فقد كتبوا في تاريخ الشيخ المفيد قدّس سرّه، أنه أخطأ في مسألة شرعية، فتبيّن له الخطأ، فاعتزل عن الفتيا، وقال: مادام أني أخطأت سأحجم عن الفتوى.
ورغم أن الشيخ المفيد كانت له فتاوى كثيرة قد أفتى بها، ولكن فتوى واحدة كشفت له أنه قد أخطأ، فصمّم على عدم الفتيا. فجاءه النداء من الناحية المقدّسة، من مولانا وسيدنا الإمام بقيّة الله الأعظم عجّل الله تعالى فرجه الشريف وصلوات الله عليه، هكذا: أيها الشيخ! منك الفتوى ومنّا التسديد. فإذا كان للإنسان واعظ من نفسه كالشيخ المفيد، فسيحظى بالتسديد من الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف.
وشدّد سماحته، بقوله:  أي واحد منكم يعزم من الآن على الخصلتين الثانية والثالثة أكثر، فسيوفّق للتسديد. فالعظماء أمثال سلمان وأبي ذر والشيخ المفيد والشيخ الطوسي والسيد بحر العلوم، كانوا مثلنا ومثلكم، شباباً وشيوخاً وسادة، وكانت عندهم النفس الأمّارة بالسوء، وكان لهم شيطاناً يتربّص بهم ويحاول أن يهيمن عليهم، ولكنهم حجموا النفس الآمرة والأمّارة بالسوء، وحجموا الشيطان عن أنفسهم، وذلك بأن جعلوا لهم واعظاً من أنفسهم. فاعزموا توفّقوا. وبهذا الصدد يقول القرآن الحكيم: (إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) سورة الشورى: الآية43.
وختم سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، توجيهاته القيّمة، قائلاً: أسأل الله تعالى أن يعينني ويعينكم جميعاً. وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
جدير بالذكر، أنه بعد توجيهات سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، سأل أحد الضيوف الكرام من سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، وقال: ما هو دورنا وما هي مسؤوليتنا نحن طلبة العلوم الدينية، في العراق اليوم؟
أجاب سماحته: في الواقع المسؤولية هي كما في الحديث النبوي الشريف صلى الله عليه وآله: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيّته). فالإنسان بمقدار ما أوتي من الفهم والطاقة مسؤول في إطار فهمه وطاقته في انتشال المجتمع، وخصوصاً الشباب، وذلك بلملمتهم وهدايتهم في إطار أهل البيت صلوات الله عليهم، بشكل عام، وفي كل مكان، وبالأخص بالعراق، بنين وبنات. وإطار أهل البيت صلوات الله عليهم يعني عقائدهم وأخلاقهم وأحكامهم صلوات الله عليهم أجمعين.
ثم سأل الضيف المذكور سؤالاً آخر، بقوله: ما هو دورنا والشيعة كافّة في الوقت الحالي؟
قال سماحته دام ظله: الشيعة بحاجة إلى توحيد الصفّ. وهذه مسألة مهمّة جدّاً، وضرورية قبل توحيد الصفّ الإسلامي وقبل توحيد الصفّ الإنساني. ولا أقصد توحيد الأفكار، لأن هذا الأخير ليس ممكناً بل وغير صحيح أيضاً. فعلى سبيل المثال: هل من الصحيح أن نقول لطبيبين: وحّدا أفكاركما؟ لا شكّ الجواب كلا، لأن لكل طبيب تشخيص خاصّ به. وهكذا بالنسبة للفكر، حيث أن كل شخص له فكره، وتوحيد الأفكار ليس بصحيح. إذاً على الشيعة أن يوحّدوا صفوفهم، وهي مسألة مهمّة وجذرية.

  سماحة المرجع الشيرازي دام ظله لطلبة مدرسة الشيخ المفيد
الشيعة بحاجة الى توحيد صفّهم قبل توحيد الصف الإسلامي

http://alshirazi.net/1437/10/14.htm