مناطق تواجد الشيعة في نيجيريا

إنه مما لا شك فيه أن الشيعة في نيجيريا يتواجدون بكثرة في المناطق الشمالية،فما من ولاية من الولايات الشمالية إلا وتجد أبناء الطائفة في كل مكان في المدن والقرى والأرياف..
وإضافة إلى ذلك تجد أبناء الطائفة في المناطق الجنوبية بشكل لا بأس به ولا سيما في أرض يوربا…. ولكنه-مع الأسف-لحد الآن ليست بيدنا إحصائية دقيقة عن أعداد ونسبة أبناء الطائفة في نيجيريا.

وصول المرجعية الشيرازية إلى نيجيريا

وقد ارتبط الإخوة من أبناء الطائفة بعدد من مكاتب المراجع بعد وصول سيل جارف من طلاب العلم إلى الحوزات العلمية في قم المقدسة والنجف الأشرف وكربلاء الإمام حسين (عليه السلا)ومشهد الإمام الرضا (عليه السلام) وكذلك في بيروت ودمشق….
وتعرّف البعض منهم على المرجعية الشيرازية عن قرب.
وبسبب الكتب والمؤلفات التي كانت تصل إلى نيجيريا من الخارج فقد حصل البعض من أبناء الطائفة على العناوين المرتبطة بالمؤسسات المرجعية الشيرازية من الكويت …. فأخذت الكتب تتدفق من تلك المؤسسات والمطابع إلينا كالعيون الجارية فيها أعداد كبيرة من مؤلفات الإمام محمد بن المهدي الشيرازي(أعلى الله درجاته)…
ومن هنا أيضا تعرّف أبناء الطائفة على المرجعية الشيرازية عن بعد.

جماعة الشيرازي في نيجيريا

وعند ما قرأ الكثير من أبناء الطائفة مؤلفات الإمام الشيرازي وجدوه غزيرا في علمه،متنوعا في كتاباته سلس في أسلوبه،متفننا في طرحه ،شموليا في معالجته،مكثرا في تأليفه…. فاعتنق الكثير من الشيعة مرجعيته عن قناعاتهم بلا دعاية وترويج وسياسة!!
وعندما انتقل الإمام الشيرازي الراحل إلى الرفيق الأعلى (أعلى الله درجاته) رجع الإخوة من الشيعة النياجرة وبأمر منه إلى أخيه الفقيه الأصولي السيد صادق الحسيني الشيرازي. (دام ظله)

ما كان لله ينمو

ولحد الآن وفي عصر العولمة والإنترنيت والتطور التكنولوجي فإن أعداد مقلدي المرجعية الشيرازية يزداد بكثرة هنا في القارة السمراء وخاصة (نيجيريا الأم)بالرغم من محاولات تشويه سمعة هذا البيت الكريم عن طريق إلصاق الأفكار المتطرفة إليه. .

إنه فكرٌ ينبثق من وحي الثقافة الإسلامية الأصيلة،فكرٌ يلائم الفطرة الإنسانية السليمة، فكرٌ يواكب التطورات العصرية الحديثة.

فمن منا يرفض الشورى والحرية والتعددية؟
وأي مجتمع إسلامي يأبى الأخوة الإسلامية والأمة الواحدة؟ وهل هناك مجتمع سليم لا يرضى بالأخلاق الفاضلة والعدل والإحسان؟ أرأيت قائدا سياسيا عاقلا حكيما لم يتخذ السلم واللاعنف منهجا؟؟.
فهذه هي أهم المعالم الفكر الشيرازي، فهي كما تراها لا تختص بمجتمع دون آخر
ولا بأمة دون أخرى..
ولما انفتح القرّاء والمثقفين النياجرة على القراءة واطلع الشباب النيجيري على مؤلفات هذا الإمام الفذ أقبل عليها بكل فئاته وطبقاته ليقتبس من نور الفكر الشيرازي المتألق في سماء الإنسانية وفي آفاق
دنيا الإسلام المحمدي.

الفكر الشيرازي عند رجال الدين النيجيريين

لقد كان رجال الدين عندنا في نيجيريا مولعون بكثرة القراءة والمطالعة إلى جانب الكتابة والتأليف، وذلك منذ ما يُسمى بعصر الوافدين-في تاريخ الأدب العربي النيجيري – مرورا بعصر كانم بورنو حتى عصر عثمان بن فودي وجماعته إلى عصر الاستعمار ومن ثم عصر الاستقلال إلى يومنا هذا.
ونظرا إلى ما سبقت الإشارة إليه فلا غرابة أن يتعرّف عدد من علماء نيجيريا على الفكر الشيرازي بشكل أو بآخر..
ونأخذ مثالا واحدا لعالِم كبير وشهير من علماء ولاية بورنو الجريحة بشمال شرق البلاد.
إنه الشيخ شريف إبراهيم صالح الحسيني، من علماء الطريقة الصوفية(التيجانية)
ومتخصص في علم الحديث ومفتي ديار نيجيريا…
بلغت مؤلفاته أكثر من مائة كتاب وكتيب وكرّاس في مختلف العلوم والدراسات الإسلامية طبعت أكثرها في جمهورية مصر العربية وأُجريت له مقابلات عديدة في قناة الجزيرة في سلسلة برنامج (الشريعة والحياة) ….
فقد حالفنا الحظ أن قمنا بزيارة أخوية إلى بيت هذا العالم الكبير لما كنا في (ميدغوري) واتفق لنا في ذلك اليوم وصول خبر وفاة الإمام الشيرازي الراحل (أعلى الله درجاته) بعد عيد الفطر السعيد بيومين، سنة:1422هجرية.
فهذا الشيخ الكبير هو الذي أخبرنا بوفاة الإمام الشيرازي الراحل قبْل أن نسمع فيما بعد من وسائل الإعلام…. فأخذ يتحدث إلينا عن السيد الشيرازي ومؤلفاته التي جاوزت الألف.،وقد أبدى الشيخ إعجابه وتأثره بالإمام الشيرازي من خلال حديثه لنا.

الفكر الشيرازي عند شباب نيجيريا المثقف

وأعني بذلك تلك الفئة العمرية من الشباب الذين وصلوا مرحلة التعليم الجامعي..
ومن الجدير بالذكر أنه يُوجد القسم العربي والدراسات الإسلامية في أكثر الجامعات النيجيرية…. فلا عجب من أن يتعرف البعض من الشباب الجامعي على الفكر الشيرازي الذي وصل إلى العالم الإسلامي عبر مؤلفاته المنتشرة في جميع أنحاء العالم.
فطفق عدد من الطلاب يستشهدون بعباراته تارة ويقتبسون من كلماته تارة أخرى، بل ويخصصون بحوثهم ومقالاتهم لدراسة شخصيته وفكره وثقافته ومؤلفاته متأثرين بمساهماته في مختلف حقول المعرفة.
ونأخذ لذلك مثالا واحدا لطالب من قسم الدراسات الإسلامية في كلية (سار قاسم إبراهيم) للتربية والتعليم/ميدغوري،
اسم الطالب :سعيد محمد. فقد جاءني هذا الشخص يطلب إعارة بعض مؤلفات الإمام محمد الشيرازي ليكتب البحث التكميلي عن مساهمات الإمام الشيرازي في الأدب العربي الحديث، حيث يبدي هو الآخر تأثره وإعجابه بالإمام محمد الشيرازي في طيات ذلك البحث.

قرية (بَامَا) والفكر الشيرازي

موقع (بَامَا) الجغرافي

إنها قرية من قرى ولاية بورنو النيجيرية وإحدى إمارات إمبراطورية كانم التاريخية.
تقع بلدة باما في الجنوب الشرقي من مدينة ميدغوري عاصمة ولاية بورنو وتبعد عنها بحوالي 70 كيلومترا.
يتكلم أهل القرية باللغة الكانورية…. إضافة إلى الأقليات من قبائل شُوا عرب وقبيلة الهوسا والفلاتة.

ودخلوا مذهب أهل البيت أفواجا

لقد وصل التشيع هذه البلدة في أواخر التسعينيات حيث استبصر الكثير من شباب القرية إثر قراءة الكُتُب التي كانت تصلهم من هيئة محمد الأمين في الكويت،
وأيضا بسبب الكُتُب المترجمة من العربية إلى الإنجليزية، مثل كتاب ثم اهتديت للدكتور التيجاني السماوي وكتاب المراجعات للعلامة شرف الدين الموسوي.

أمة في رجل

ذاك هو الأستاذ أبا سنْدا الذي تعرَّفتُ على الإمام محمد الشيرازي على يديه.
هذا الرجل (رحمة الله تعالى عليه) بإرادته الفولاذية وبعزمته التي لا تعرف التحديات وبثباته الذي لا تزلزله العواصف هو الذي أخذ زمام المبادرة في تصدير الفكر الشيرازي من مدينة لاغوس أقصى بلاد اليوربا إلى ولاية ميدغوري أقصى بلاد الشمال!!.
هذا الرجل العملاق بقوة ذهنه وعمق تفكيره دمَّر ذلك الجدار الحديدي ليصل إلى الفكر الصافي الأصيل الذي لا يرضى التحريف والتضليل.
تهديدات فاشلة
بالرغم من كل التهديدات التي صدرت من بعض الإخوة الكرام ،ولكنهم فهموا مني الإصرار على الزيارة فقالوا لي:(أما إذا زرت قرية (بَامَا) فإياك إياك أن تصل بيت الأستاذ أبا سندا فإنه قد رجع من مدينة (لاغوس) حاملا مجلة فيها بعض الأفكار السلبية تجاه فلان وعلان! !!.

الإنسان حريص على ما مُنع

وطبقا لهذه المقولة فقد زاد حرصي وشوقي وإصراري على الزيارة لكي اطلع على ما مُنعتُ إليه.
فكانت زيارتي للقرية سنة1997 حيث شددت الرحال مبكرا لأضرب أكباد الإبل متجها شطر (بَامَا).
وبمجرد أن حط الإبل رحاله توجهت صوب بيت الأستاذ أبا سنْدا علَّني ارتشف من المنهل العذب؟؟!!
ولما وصلت البيت استقبلني الأستاذ بحفاوة بالغة منقطعة النظير! فأدخلني مكتبته وأحضر لي الشاي وأخذ يحاورني ويحدثني بلطف وهدوء وبيده مجلة كُتِبتْ في صفحة العنوان الرأي الآخر فطلبت منه ليناولني إياها.. وما إن فتحت الصفحة الأولى حتى رأيت عنوانا بخط عريض حسين علي منتظري وولاية الفقيه؟؟.

فمن المجلة كانت البداية!! ومن العنوان اتضحت الحقيقة!!.
… لَنهدينّهم سبلنا..
ثم نهضت قائما أبحث عن عناوين الكتب والصحف والمجلات في المكتبة، فعثرت على مؤلفات الإمام الراحل لأول مرة في حياتي.
ومما جذب انتباهي إلى مطالعة كتب الإمام الشيرازي أكثر:
=السهولة
=الوضوح
=العمق
=الدقة
=الابتكار
=التنوع
=الشمول.
لقد رأيت في مؤلفاته أفكارا مال إليها فكري بِنَهْم:
السلم واللاعنف، الأمة الواحدة. شورى الفقهاء، التعددية، الأخلاق.
وبعد هذا قام الأستاذ وقدَّم إلي الرسالة العملية للإمام الشيرازي الراحل بعنوان:المسائل الإسلامية…
و أهدا لي كُتُبا أخرى للإمام محمد الشيرازي، منها:
=إذا قام الإسلام في العراق
=أول حكومة إسلامية في المدينة المنورة
=كيف ولماذا أسلموا؟
=ممارسة التغيير لإنقاذ المسلمين
=إلى نهضة إسلامية شاملة
=الإنفاق سر التقدم.
يُتبع
✍ إبراهيم المعظم عبد الله المدير العام لمؤسسة الإمام محمد الشيرازي في نيجيريا.
كَتَبَه في بوتشي.
30/6/2018