لم يرى ولم يسمع من الامام رحمه الله عتابا لأحد، وما كانت من سيرته العطرة العتاب، الا مرة واحدة، و لعله اراد من خلال ذلك توجيه النقد البناء لأجوبة اناس حاولوا وضع العصي في دولاب الانجازات التي انجزها رحمه الله في الكويت، وفي طبعه واحدة من طبعات كتابه الشهير (مباحثات مع الشيوعيين) وفي المقدمة بالذات.

اذ أن أغلب من كان ينتقد الامام في الكويت كان يهدف الى عرقلة الانجازات الدينية والاجتماعية من خلال بناء المساجد الشيعية والحسينيات والمغتسل و… حتى تذهب الاموال الى ال… بحجة دعم الحوزة، غير مهتمين لمستقبل الوضع الشيعي في الكويت، وكذلك الأمر في بقية الدول العربية ومايصيب الشيعة من مكروه.

واليوم يتمكن المنصف ان يرى في الكويت مثلا، بعض ماظهر من نتاج الجهد الكثير والوقت الذي صرفه الامام رحمه الله ليرى كم نائب شيعي تحت قبة البرلمان الكويتي، وكم جريدة ومجلة شيعية، ومؤسسة خدمية، وكم مسجد وحسينية و…. والوضع الشيعي المشرق، ولو نسبيا، وكلها من بركة وجود الامام رحمه الله.

اذ ان قبيل وصول الامام الى الكويت، لامغتسل للشيعة ولامقبرة والمساجد اقل من عدد اصابع اليد ، وهم يحلبون كما تحلب الشاة وتذهب أموالهم بحسب حجمهم آنذاك، الى موارد في غير الكويت وتصرف ضمن آفاق ضيقة.

وفي الاحاديث الشريفة الذي كثيرا ما كان الامام يستشهد بمثلها يقول المعصوم عليه السلام: (من التزم بالمهم فقد ضيع الأهم) و (ان الله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها) و (المرء يطير بهمته كما يطير الطائر بجناحيه) و (ان الله يحب التاجر الذكي) و… العشرات من النصوص الدينية التي ذكرها الامام رحمه الله في كتابيه (المال أخذا وعطاء) و (الاقتصاد).

واليوم، وبعد الالاف من الساعات التي كان الامام رحمه الله يصرفها مع التاجر و العامل والموظف الشيعي آنذاك ويشجعه ليكون التاجر الاكبر اليوم ويتناطح مع أقرانه في بناء المستقبل.

واليوم، ومن دون مبالغة أقول: ان نسبة نمو رأس المال الشيعي (في مختلف المجالات) في الخليج عموما و الكويت بالذات، ، ازداد يوما بعد يوم و وصل الى مايفتخر به الشيعي من التمكن في تنفيذ بعض الانجازات والمشاريع الدينية، ودعم المؤسسات و…، كلها نتيجة الساعات التي صرفها في تشجيع العامل والموظف والطالب الجامعي آنذاك، والاصرار في التشجيع ليرتفعوا من مكانتهم العلمية والتجارية، و تطبيقا لماورد في الحديث ايضا: المرء حيث يضع نفسه، حتى حصل ما حصل. والحمدلله.

عود على ذي بدئ

وبعد فترة وجيزة أمر الامام رحمه الله بجمع الكتاب وحذف المقدمة، وكان يقول دائما: الوقت ضيق ولايجوز ان نقف ونترك الأعمال التي أراد الاسلام منا الاهتمام بها بحجة ان نجاوب المعارض (الناقد بتصوره) دعه (والكلام للامام رحمه الله) يقول (المنتقد) مايريد، وان كان على الأغلب جارحا.

وكثيراما كان يستشهد للأكاذيب التي يكتبون او ينشرون ضده بالآية المباركة في سورة غافر(28) حيث قال سبحانه وتعالى: وان يك كاذبا فعليه كذبه، وان يك صاىقا يصبكم بعض الذي يعدكم، ان الله لايهدي من هو مسرف كذاب.

وكان يقول: اقرأ مايكتبون عنك، فان صدقوا في مدعاهم، فابحث عن الخلل فيك والعلاج، وانت المستفيد من هذا النقد، وان لم يكن فيك، فعليه كذبه.

أما أنا (والكلام له رحمه الله) فابقى مصرا على العمل مهما بلغ الأمر، والى ان يأخذ الله أمانته (ويقصد بذلك الموت) والملتقى عند الله، يحكم بيننا، وهنالك يفرح المؤمنون.


مقدمة كتاب “مباحثات مع الشيوعيين”

 

يقول الامام رحمه الله: “وقد ترددت فترة في أن أكتب هذا الكتاب أو لا أكتب، وترددي كان لأجل أن قصة الشيوعية في زماننا قصة سياسية وليست قصة بحث وجدل وتطلب حق. ولذا فأنت إذا ناقشت مبادئ الشيوعيين فأنت عميل وجاسوس، وقد اتفقت لي مباحث كثيرة معهم في فترة دامت خمسة عشر عاماً تقريباً، ولقيت من جراء ذلك تهما واضطهادات كثيرة هي التي سببت ترددي في الكتابة، أما ما شجعني أخيراً على الكتابة، فهو أن الكتابة وعدم الكتابة بالنسبة إلي سواء حيث أني اعتدت الاضطهاد والتهم حتى صرت كما قال الشاعر:

فكان إذا أصابتني النصــــــــــال ** تكسرت النصــــــال على النصالِ”.

هذا بالإضافة إلى أن هذه الأبحاث حقائق تنير الدرب لمن أراد السير، وإن كانت توجب عنتاً بالنسبة لي وإرهاقا.
وبالمناسبة فلا بأس أن أشير في مقدمة هذا البحث إلى التهم التي تلقيتها في الجملة مع تحفظي على نظافة الكلام، فإني لا أريد أن أجرح أحداً، ولذا تماسكت عن ذكر الأسماء وبعض الخصوصيات التي ربما تكون مؤشرة إلى ما يوجب الجرح….”

ومن هنا يبدأ الإمام الشيرازي رحمه الله سرد تلك التهم….

1- ذات مرة اجتمعنا عدة من الأصدقاء لتأسيس مكتبة في المدرسة الهندية بكربلاء المقدسة باسم المكتبة الجعفرية، فقالوا: إنهم يريدون استملاك كتب الناس بهذه الحجة، وقالوا: أن هذا العمل هدم لموازين أهل العلم.

2- واجتمعنا لتأسيس مدرسة الإمام الصادق الأهلية – عليه السلام- ، فقالوا: أنهم يريدون فتح مدرسة أبي حنيفة لا مدرسة الإمام الصادق، وقالوا: أنهم يريدون نشر التجدد واللادينية تحت هذا الشعار.

3- اجتمعنا لإخراج مجلة (أجوبة المسائل الدينية) فقالوا: أنهم شكلوا مدرسة (سلوني قبل أن تفقدوني)، وقالوا: هذا فضح لرجال الدين، لأن المثقفين يستشكلون إشكالات تعجزون عن الجواب عنها، وذلك يسبب فشل الدين و رجال الدين.

4- ولما قررنا تأسيس (الجمعية الخيرية الإسلامية)، قالوا: هذا هدم لحوزة الطلبة في كربلاء لأنه يسبب جر أهل العلم إلى التجدد.

5- وحين اشتركنا لتأسيس ( مطبعة أهل البيت)، قالوا: أن هذا العمل يوجب تسليط الفساق على المتدينين، حيث أن المطبعة توجب تحرك الأقلام المنحرفة.

6- ولما أن طبعت (وسائل الشيعة ومستدركاتها) قالوا: هذا هدم للتشيع، لأن المستدرك كله ضعيف، وقد تعب علماء الشيعة لإخراج الضعاف عن منهج التشيع، فهذا إرجاع إلى الوراء.
7- ولما طَبعت (هكذا الشيعة) قالوا: هذا تفرقة وطائفية.

8- وقد خرج منشور طويل عريض من( حزب خاص) ينتقد فيه كل كتبي – ولا زال الكلام لإمام الشيرازي- وقد عدد عليها خمسين إشكالاً وصدرت الأوامر إلى (الحزب) بحفظ هذه الإشكالات وتعدادها ونشرها في المجتمع.

9- ولما طَبعت (مقالات) قالوا: نفران أفسدا العراق، ( عبد الكريم قاسم) بثورته، و ( محمد) بتأليفه كتاب المقالات .

10- ولما طبعت كتاب (الفقه) قالوا ليس له.

11- وحين خرج كتاب لي في (الأحاديث) قالوا: أنه تأليف والده ولكنه لم يرد أن ينسبه إلى نفسه فنسبه إلى ابنه!

12- ولما أخذنا ندعو الشيوعيين بالحكمة والموعظة الحسنة ونجادلهم بالتي هي أحسن قالوا: إنه عميل أمريكا.

13- ولما قمنا ببعض الإصلاحات المرتبطة بإيران(أي الاعتراض على شاه ايران) قالوا: أنه (شيوعي خطير).

14- ولما أخرجنا مجلة (الأخلاق والآداب) وكان في عدد من أعدادها تهجماً على الاستعمار، قرر (نوري السعيد) غلق المجلة وسجن القائمين بها ثلاثة أشهر.

15- ولما أخرجنا (المنشورات الدورية) في المناسبات الدينية، قالوا: أنها تمول من (دولارات أمريكي).

19- ولما أخرجنا (تمثيلية- اي مسرحية- ليلة المبيت) قالوا: أن ما حرمه السيد البروجردي من تمثيلية الرسول قد أباحه هذا العمل، فالحضور في التمثيلية وتشجيعها وكل مساعدة لها محرمة.

20- ولما التقينا بـ (عبد الكريم قاسم) لأجل أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، قالوا: أنه يزرقه إبرة مقوية ولا يدعه ينهار.

21- ولما أخرجنا مجلة (صوت المبلغين) قالوا: أنه (صوت المبلعين) بالعين المهملة، ومقصدهم من ذلك اصطياد أموال الناس.

22- ولما نشرنا كلمة في الإذاعة حول (الإصلاح بين إيران والعراق) في قصة شط العرب، قالوا: أنه تحطيم للتشيع وتقوية للحكومة الجائرة.

23- ولما أعطينا مشاهرة – راتب لطلاب العلوم الدينية- النجف الأشرف، قالوا: أنه رياء وحب ظهور.

24- ولما أخرجنا ( الرسالة العملية) قالوا: أنه دعوى عظيمة وادعاء ما ليس له.

25- ولما توفي السيد الحكيم… والتف الناس حولي أكثر فأكثر، أصدروا فتاوي مطبوعة بأنه (ليس بمجتهد) ، وفتاوى بأنه (لا تجوز الصلاة خلفه)…….

26- ولما وسعت دائرة مشاهرتي – ىفع الروات للطلاب العلوم الدينية – فشملت (الحوزات العلمية في) النجف وكربلاء وكاظمية وسامراء، وبعض (الحوزات العلمية في) بلاد الخارج قالوا: أنه أموال (أبو ناجي) ويقصدون الإنجليز.

27- ولما أن جمعنا الشباب في (هيئات منظمة) حذرا من انفلاتهم ودخولهم في التيارات الباطلة، قالوا: أنه شكل حزبا.

28- ولما أن وقعت مشكلة بين جماعة من أهالي كربلاء وبين الجمعية الخيرية، قالوا: إن محمداً وراء تحريض الناس على الجمعية، فاللازم محاكمته وإيداعه السجن.

29- ولما أن كنا نخالف عبد الكريم قاسم في تشريعاته ضد الإسلام، قالوا: ( أنه قومي من أنصار جمال عبد الناصر).

30- ولما أن جاء جماعة من شيعة باكستان والهند ودخلوا النار بمناسبة (عاشوراء) أمامي وأمام ألوف الناس والعلماء و المقيمين ( على ما هي العادة في الهند وباكستان وأفريقيا وغيرها وقد سبق مثل ذلك في كربلاء) قالوا: أنه يشجع المجوس عبادة النار.


31- ولما خالفنا حركات (عبد السلام عارف) ضد الشيعة قالوا: أنه يتلقى الأموال و التخطيط من إيران.

32- ولما قلنا أن القومية ليست صحيحة ، فإن الإسلام يقول: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) قالوا: إنه عدو (جمال عبد الناصر) وأنه (شعوبي).

33- ولما أن شجبنا الاشتراكية، قالوا: أنه جاسوس لحزب إمبريالي مجرم.

34- ولما أن عقدنا مجلس المبلغين لأجل النظر في أمور البلد ودفع المنكرات، قالوا: أنه يريد صيد الخطباء بهذا الاسم.

35- ولما أن أخذنا نؤسس المجلات، قالوا: ما فائدتها ولا قراء لها، المهم أن تكون القراء.

36- ولما أخذنا أن نبني المساجد بواسطة الهيئة المسماة (بهيئة خدام المساجد)، قالوا: ما الفائدة ولا مصلين، المهم أن تكون مصلين.

37- ولما أن زودنا المدارس الحكومية بالحصر(نوع من الفرش) لأجل صلاة الطلاب جماعة، و عينا في كربلاء و بغداد أئمة الجماعة للمدارس و الكليات من نفس الطلاب، قالوا: بذر المال في شراء الحصران وعين الشباب المزلفين لإمامة الجماعة.

38- ولما أن كونا( هيئة التبليغ السيار)لأجل القرى والأرياف، قالوا: يريد إدخال الأعراب في تقليده بهذا الطريق.

39- ولما أن تدخلنا في قضية فلسطين، قالوا: مالنا ولفلسطين، فإنها حركة استعمارية، فأي معنى لتزويد اللاجئين بعد حرب (67) بأموال كربلاء.

40- ولما أن أقمنا احتفال أمير المؤمنين (عليه السلام) الكبير في كربلاء المقدسة، قالوا: أليس من الإسراف أن تصرف هذه الأموال في الحفلة، هلا أعطيتموها للفقراء أليس ذلك أحسن.

41- ولما كنا نعطي الفقراء الخبز والأرز والنقود، قالوا: أليس هذا العمل يوجب تكثير البطالة وتعويد هؤلاء الشباب على التكفف، أليس من الأفضل (ان) يصرف المال في المشاريع الإسلامية.

42- ولما أن توسطنا في قصة (بنغلادش) التي وقعت في باكستان، قالوا: ما لرجال الدين والقضايا السياسية، أليس من الأحسن أن يشتغل رجل الدين بصلاته وصيامه ودروسه ومسائله.

43- ولما أسسنا مدارس الحفاظ، قالوا: هل حفظ القرآن يحتاج للمدارس حتى يصرف هذه المبالغ لاشتراء المدارس وللمعلمين وسائر اللوازم.

44- ولما أن اشتركنا في تأسيس (مؤسسة النشر الإسلامي)، قالوا: كل الناس يعرفون الإسلام والتشيع فما الداعي إلى صرف الوقت والمال في مثل هذه الأمور.

45- ولما أن كتبنا أي كتاب قالوا: ما فائدة هذا الكتاب، (فالوصول) لا يحتاج إليه لأن الكفاية الكفاية في غنى بسبب حواشيها عن الوصول و (الجواهر) لم يدع مجالاً ( للفقه) وشرح (العلامة على التجريد) أغنى الناس عن( القول السديد) وهكذا وهلم جرا.

46- ولما كنا نصلي الجماعة قالوا: أنه (دكان).

47- ولما كنا نجلس لأجل (الاشهاد لرؤية) الهلال في أول رمضان وآخره قالوا: لا يريدون بذلك إلا بث التفرقة بين الناس وإبطال صيامهم.

48- ولما أسسنا المكتبات، قالوا: أوجد القراء، فما فائدة المكتبات بلا قراء (وعند الشيخ كتب من أبيه) (مُسطرة ولكن ما قراها).

49- ولما بنينا المراحيض- المرافق العامة- لأجل تنظيف البلد، قالوا: (خيرات حسن لأمواتهم)، ما لأهل العلم وبناء المراحيض.

50- ولما أسسنا (مستوصف القرآن الحكيم)، قالوا: أن البلد ممتلئ بالدكاترة والمستوصفات، فما فائدة صرف المال في المستوصف.